يعتبر تسويق وبيع المحاصيل الزراعية من أكثر المشاكل التي تواجه الفلاحين في مصر، ويظل الفلاح يحمل هذا الهم طوال العام، ويظل عاكفًا لشهور طويلة في زراعتها والاعتناء بها، أملًا في تسويقها وبيعها، بأسعار مناسبة تحقق له الربح المطلوب.
وفي هذه الرحلة التي يمر بها الفلاح المصري، بداية من الزراعة حتى الحصاد، ثم تسويق المحصول وبيعه، ربما يقع فريسة لاستغلال التجار الذين يرفعون الأسعار في بعض المحاصيل، ما قد يبخس الفلاح حقه.
واتساقًا مع ذلك، فقد أعلنت لجنة الزراعة بمجلس النواب، عن بدء مناقشتها لنظام الزراعة التعاقدية وتطبيقه بين الوزارة والفلاح ممثلًا عنه الجمعيات التعاونية، لكونها تحقق التنمية الزراعية المستدامة التي تنص عليها رؤية مصر 2030.
وأوضح النائب محمد عبدالله زين الدين، أن الزراعة التعاقدية ستزيد من معدلات التصدير واستعادة مصر قدراتها في قطاع الزراعة، موضحًا أنها وثيقة أمان للفلاحين ضد مخاطر التقلبات السعرية، وأن ذلك التعاقد سيحقق فائدة للمزارعين لضمان التسويق ومفيد للعملية الزراعية مستقبلًا للتشجيع على زراعة المحصول.
والزراعة التعاقدية، هي التي تقوم على تحديد سعر المحصول مسبقًا، بين وزارة الزراعة والجمعيات التعاونية؛ لضمان حق الفلاح المصري، وعبارة عن عقد بين المزارع أو صاحب والجمعية التعاونية التي تحدد السعر وتقوم بتسويق المحصول.
"الدستور" في التقرير التالي، رصدت آراء عدد من الفلاحين والمزارعين حول نظام الزراعة التعاقدية، واتفقوا على أنه نظام، يحفظ حق الفلاح من الاستغلال ويحدد السعر العادل للمحصول.
"حلمي محمد"، مزارع في مدينة المنصورة التابعة لمحافظة الدقهلية، يؤكد أن الزراعة التعاقدية بالفعل ستحمي الفلاح من جشع التجار، أو السقوط في براثن اختلاف السعر الخاص بالمحاصيل سنويًا، والتي لا بد أن يحكمها تسعيرة ثابتة.
وأضاف: "لابد من وضع آلية محددة لتسعير المحاصيل الزراعية، من خلال أسلوب الزراعة التعاقدية القائمة على العقد، وفي الوقت نفسه تطبق غرامات الأرز على الفلاح، لعدم إتاحة الفرصة للفلاح للاتجاه لزراعة المحاصيل، ووضع سعر مجذي للفلاح خلال هذه الفترة".
ويرى أن التسعيرة العادلة التي تُوضع في نظام الزراعة التعاقدية، يمكن لوزارة الزراعة الاسترشاد بالأسعار العالمية، حتى تراعي مصاريف النقل والتوريد والتخزين التي يتكلفها الفلاح بجانب المحصول.
بحسب الأرقام الرسمية التي تصدر عن نقابة الفلاحين، فأن عدد الفلاحين وأسرهم 55 مليون فلاح، منهم 5.7 مليون فلاح لديهم حيازات زراعية، فيما يبلغ عدد أعضاء نقابة الفلاحين 2.7 مليون عضو.
فيما يبلغ عدد الجمعيات الزراعية حوالي 6 آلاف و334 جمعية، تضم جميع الحائزين للأراضي الزراعية تقريبًا، والذين يبلغ عددهم حوالي 5.7 مليون حائز لمساحة زراعية، تقدر بحوالي 5.7 مليون فدان.
أنور عبد الحفيظ، فلاح ومزارع في محافظة المنوفية، يرى أن نظام الزراعة التعاقدية يصب في مصلحة الفلاح، لأنه يعطيه قدرًا كبيرًا من أن محصوله سيتم تسويقه بطريقة جيدة وبأسعار مناسبة دون استغلال، فهناك تسعيرة موحدة تحددها الزراعة والجمعيات التعاونية المسؤولة عن الفلاحين واستلام المحاصيل.
يوضح أن نظام الزراعة التعاقدية لا يصب في مصلحة الفلاح فقط، ولكن يفيد الاقتصاد القومي، بسبب تشجيع الفلاح على زيادة الإنتاج، وأيضًا زيادة المحاصيل الهامة الاستراتيجية، والتي توقف عن زراعتها لفترات طويلة.
يضيف: "التسعيرة لكل محصول تضعها وزارة الزراعية بالاتفاق مع الجمعيات التعاونية والفلاحين، وبذلك يصبح هناك عدل في التسعيرة التي ستصبح محددة، فلا يستطيع أحد استغلال الفلاح ورفع السعر عليه".
كان أول ظهور للزراعة التعاقدية خلال عام 2015، حين أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا، يحمل رقم 14 لسنة 2015، بإنشاء مركز الزراعات التعاقدية، من أجل حماية الزراعة والمزارعين من الخسائر الفادحة.
وتنص المادة الثانية من القرار على أنه، ينشأ بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، مركز يسمى (مركز الزراعات التعاقدية)، وتسجيل عقود الزراعة التعاقدية، ووضع نماذج استرشادية للعقود المشار إليها.
أما محمد الحاوي، مزارع من مدينة دسوق، يوضح أن الزراعة التعاقدية ستحسن الحالة المادية للفلاح، لكون الفلاحين أثقلت كهولهم مستلزمات الإنتاج من تقاوى وسماد ومبيدات والزيت والسولار الذي يحتاج إليه لتشغيل الماكينات، فلا بد من مراعاته في أسعار المحاصيل.
ويضيف: "الزراعة التعاقدية نظام شامل لا يتضمن المحاصيل فقط، ولكن يجب أن يُطبق على الإنتاج الداجني والحيواني، ويتم تحديد سعر محدد وواضح لمزارعين الدواجن، بعقد واضح يضمن حقوق الفلاح".
يختتم: "الزراعة التعاقدية باتت مطبقة في كل دول العالم بداية من أمريكا وحتى السودان، فمن الممكن الاستعانة بتجارب الدول الرائدة في مجال الزراعة التعاقدية والإضافة عليه وتطبيقه في مصر على الفلاح".